منتدى الشورة الاسلامي
أبو عبيدة ابن الجراح 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا أبو عبيدة ابن الجراح 829894
ادارة المنتدي أبو عبيدة ابن الجراح 103798
منتدى الشورة الاسلامي
أبو عبيدة ابن الجراح 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا أبو عبيدة ابن الجراح 829894
ادارة المنتدي أبو عبيدة ابن الجراح 103798
منتدى الشورة الاسلامي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الشورة الاسلامي

https://al-shouraislamme.yoo7.com/h3-page
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أبو عبيدة ابن الجراح

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو هويدي
المدير العام
المدير العام
ابو هويدي


عدد المساهمات : 298
نقاط : 912
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/11/2011
العمر : 48
الموقع : https://al-shouraislamme.yoo7.com

أبو عبيدة ابن الجراح Empty
مُساهمةموضوع: أبو عبيدة ابن الجراح   أبو عبيدة ابن الجراح I_icon_minitimeالإثنين ديسمبر 26, 2011 3:30 pm


أبو عبيدة ابن الجراح

نسبه

أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ، عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ الجَرَّاحِ بنِ هِلاَلِ بنِ أُهَيْبِ بنِ ضَبَّةَ بنِ الحَارِثِ بنِ فِهْرِ بنِ مَالِكِ القُرَشِيُّ، الفِهْرِيُّ، المَكِّيُّ.

يَجْتَمِعُ فِي النَّسَبِ هُوَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فِهْرٍ.

شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالجَنَّةِ، وَسَمَّاهُ: أَمِيْنَ الأُمَّةِ.



اسلامه

كان من أول من أسلم

عَنْ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ، قَالَ:

انْطَلَقَ ابْنُ مَظْعُوْنٍ، وَعُبَيْدَةُ بنُ الحَارِثِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الأَسَدِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ حَتَّى أَتَوْا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإِسْلاَمَ، وَأَنْبَأَهُمْ بِشَرَائِعِهِ، فَأَسْلَمُوا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ دُخُوْلِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ.



غزوة بدر و أحد

وَقَدْ شَهِدَ أَبُو عُبَيْدَةَ بَدْراً، فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ أَبَاهُ، وَأَبْلَى يَوْمَ أُحُدٍ بَلاَءً حَسَناً، وَنَزَعَ يَوْمَئِذٍ الحَلْقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ دَخَلَتَا مِنَ المِغْفَرِ فِي وَجْنَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ضَرْبَةٍ أَصَابَتْهُ، فَانْقَلَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ، فَحَسُنَ ثَغْرُهُ بِذَهَابِهِمَا، حَتَّى قِيْلَ: مَا رُؤِيَ هَتْمٌ قَطُّ أَحْسَنُ مِنْ هَتْمِ أَبِي عُبَيْدَةَ.



غزوة ذات السلاسل

قَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ فِي (مَغَازِيْهِ):

كان عَمْرِو بنِ العَاصِ فى غزوة هِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلاَسِلِ، مِنْ مَشَارِفِ الشَّامِ، ، فطلب المدد من رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْتَدَبَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ومجموعة مِنَ المُهَاجِرِيْنَ، وجعلَ نَبِيُّ اللهِ أَبَا عُبَيْدَةَ.أميراُ عليهم

فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عَمْرِو بنِ العَاصِ، قَالَ: أَنَا أَمِيْرُكُم.

فَقَالَ المُهَاجِرُوْنَ: بَلْ أَنْتَ أَمِيْرُ أَصْحَابِكَ، وَأَمِيْرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ.

فَقَالَ عَمْرٌو: إِنَّمَا أَنْتُم مَدَدٌ أُمْدِدْتُ بِكُم.

فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ، وَكَانَ رَجُلاً حَسَنَ الخُلُقِ، لَيِّنَ الشِّيْمَةِ، مُتَّبِعاً لأَمْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَهْدِهِ، فَسَلَّمَ الإِمَارَةَ لِعَمْرٍو.



أمين الأمة

عَنْ أَنَسٍ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ).

عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:

أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُسْقُفَا نَجْرَانَ: العَاقِبُ وَالسَّيِّدُ، فَقَالاَ: ابْعَثْ مَعَنَا أَمِيْناً حَقَّ أَمِيْنٍ.

فَقَالَ: (لأَبْعَثَنَّ مَعَكُم رَجُلاً أَمِيْناً حَقَّ أَمِيْنٍ).

فَاسْتَشْرَفَ لَهَا النَّاسُ، فَقَالَ: (قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ).

فَأَرْسَلَهُ مَعَهُم.

لَمَّا وصل عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ إلى " سَرْغ "َ، قالوا له أَنَّ بِالشَّامِ وَبَاءً شَدِيْداً، فَقَالَ:

إِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَأَبُو عُبَيْدَةَ حَيٌّ، اسْتَخْلَفْتُهُ، فَإِنْ سَأَلَنِي اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟

قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ).

قَالَ: فَأَنْكَرَ القَوْمُ ذَلِكَ، وَقَالُوا: مَا بَالُ عَلْيَاءِ قُرَيْشٍ؟

ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، أَسْتَخْلِفْ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ، فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي قُلْتُ:

إِنِّي سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُوْلُ: (إِنَّهُ يُحْشَرُ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَ يَدَي العُلَمَاءِ بِرَتْوَةٍ).

عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:

سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَيُّ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ؟

قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ.

عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:

كُنْتُ فِي الجَيْشِ الَّذِيْنَ مَعَ خَالِدٍ، الَّذِيْنَ أَمَدَّ بِهِم أَبَا عُبَيْدَةَ وَهُوَ مُحَاصِرٌ دِمَشْقَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَيْهِم قَالَ لِخَالِدٍ: تَقَدَّمْ، فَصَلِّ، فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ؛ لأَنَّكَ جِئْتَ تَمُدُّنِي.

فَقَالَ خَالِدٌ: مَا كُنْتُ لأَتَقَدَّمَ رَجُلاً سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْنٌ، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ).



حسن خلقه

عَنِ الحَسَنِ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ لأَخَذْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ خُلُقِهِ، إِلاَّ أَبَا عُبَيْدَةَ).

وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَوْصُوْفاً بِحُسْنِ الخُلُقِ، وَبِالحِلْمِ الزَائِدِ، وَالتَّوَاضُعِ.

قَالَ عُمَرُ لِجُلَسَائِهِ: تَمَنُّوْا.

فَتَمَنَّوْا، فَقَالَ عُمَرُ: لَكِنِّي أَتَمَنَّى بَيْتاً مُمْتَلِئاً رِجَالاً مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ.

قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا مِنْ أَصْحَابِي أَحَدٌ إِلاَّ لَوْ شِئْتُ أَخَذْتُ عَليْهِ، إِلاَّ أَبَا عُبَيْدَةَ).

قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: أَخِلاَّئِي مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاَثَةٌ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ.



زهده و ورعه

دَخَلَ رجل على أبى عبيدة فَوَجَدَهُ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ؟

قَالَ: يُبْكِيْنِي أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ يَوْماً مَا يَفْتَحُ اللهُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ، حَتَّى ذَكَرَ الشَّامَ، فَقَالَ: (إِنْ نَسَأَ اللهُ فِي أَجَلِكَ، فَحَسْبُكَ مِنَ الخَدَمِ ثَلاَثَةٌ: خَادِمٌ يَخْدُمُكَ، وَخَادِمٌ يُسَافِرُ مَعَكَ، وَخَادِمٌ يَخْدمُ أَهْلَكَ، وَحَسْبُكَ مِنَ الدَّوَابِّ ثَلاَثَةٌ: دَابَّةٌ لِرَحْلِكَ، وَدَابَّةٌ لِثِقَلِكَ، وَدَابَّةٌ لِغُلاَمِكَ).

ثُمَّ هَا أَنَذَا أَنْظُرُ إِلَى بَيْتِي قَدِ امْتَلأَ رَقِيْقاً، وَإِلَى مَرْبَطِي قَدِ امْتَلأَ خَيْلاً، فَكَيْفَ أَلْقَى رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَهَا؟ وَقَدْ أَوْصَانَا: (إِنَّ أَحَبَّكُم إِلَيَّ، وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي، مَنْ لَقِيَنِي عَلَى مِثْلِ الحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكُمْ عَلَيْهَا).



قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ، فَتَلَقَّاهُ الأُمَرَاءُ وَالعُظَمَاءُ.

فَقَالَ: أَيْنَ أَخِي أَبُو عُبَيْدَةَ؟

قَالُوا: يَأْتِيْكَ الآنَ.

قَالَ: فَجَاءَ عَلَى نَاقَةٍ مَخْطُوْمَةٍ بِحَبْلٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْصَرِفُوا عَنَّا.

فَسَارَ مَعَهُ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ سَيْفَهُ وَتُرْسَهُ وَرَحْلَهُ.

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَوِ اتَّخَذْتَ مَتَاعاً، أَو شَيْئاً.

فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنَّ هَذَا سَيُبَلِّغُنَا المَقِيْلَ



عَنِ ابْنِ عُمَرَ:

أَنَّ عُمَرَ حِيْنَ قَدِمَ الشَّامَ، قَالَ لأَبِي عُبَيْدَةَ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى مَنْزِلِكَ.

قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ عِنْدِي؟ مَا تُرِيْدُ إِلاَّ أَنْ تُعَصِّرَ عَيْنَيْكَ عَلَيَّ.

قَالَ: فَدَخَلَ، فَلَمْ يَرَ شَيْئاً، قَالَ: أَيْنَ مَتَاعُكَ؟ لاَ أَرَى إِلاَّ لِبْداً وَصَحْفَةً وَشَنّاً، وَأَنْتَ أَمِيْرٌ، أَعِنْدَكَ طَعَامٌ؟

فَقَامَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى جَوْنَةٍ، فَأَخَذَ مِنْهَا كُسَيْرَاتٍ، فَبَكَى عُمَرُ،

فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ: قَدْ قُلْتُ لَكَ: إِنَّكَ سَتَعْصِرُ عَيْنَيْكَ عَلَيَّ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، يَكْفِيْكَ مَا يُبَلِّغُكَ المَقِيْل.

قَالَ عُمَرُ: غَيَّرَتْنَا الدُّنْيَا كُلَّنَا، غَيْرَكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ.



و روى أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ، أَوْ بِأَرْبَعِ مَائَةِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: انْظُرْ مَا يَصْنَعُ بِهَا.

قَالَ: فَقَسَّمَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مُعَاذٍ بِمِثْلِهَا.

قَالَ: فَقَسَّمَهَا، إِلاَّ شَيْئاً قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ نَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَخْبَرَ الرَّسُوْلُ عُمَرَ، قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الإِسْلاَمِ مَنْ يَصْنَعُ هَذَا.

و روى أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ يَسِيْرُ فِي العَسْكَرِ، فَيَقُوْلُ: أَلاَ رُبَّ مُبَيِّضٍ لِثِيَابِهِ، مُدَنِّسٍ لِدِيْنِهِ! أَلاَ رُبَّ مُكْرِمٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُهِيْنٌ! بَادِرُوا السَّيِّئَاتِ القَدِيْمَاتِ بِالحَسَنَاتِ الحَدِيْثَاتِ.



قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي امْرُؤٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَمَا مِنْكُم مِنْ أَحْمَرَ وَلاَ أَسْوَدَ يَفْضُلُنِي بِتَقْوَى، إِلاَّ وَدِدْتُ أَنِّي فِي مِسْلاَخِهِ

و معنى وددت أنى فى مسلاخه : أى أكون مثله



أبو عبيدة فى الشام

كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ بَيْتَ المَالِ.

ثُمَّ وَجَّهَهُ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الشَّامِ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ

وفي أثناء قيادة خالد -رضي الله عنه- معركة اليرموك التي هزمت فيها الامبراطورية الرومانية توفي أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- ، وتولى الخلافة بعده عمر -رضي الله عنه- ، وقد ولى عمر قيادة جيش اليرموك لأبي عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة وعزل خالد

وصل الخطاب الى أبىعبيدة فأخفاه حتى انتهت المعركة ، ثم أخبر خالدا بالأمر ، فسأله خالد : يرحمك الله أباعبيدة ، ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب ؟

فأجاب أبوعبيدة : اني كرهت أن أكسر عليك حربك ، وما سلطان الدنيا نريد ، ولا للدنيا نعمل ، كلنا في الله أخوة وأصبح أبوعبيدة أمير الأمراء بالشام0

بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ حُصِرَ بِالشَّامِ، وَنَالَ مِنْهُ العَدُوُّ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ مَا نَزَلَ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ شِدَّةٌ، إِلاَّ جَعَلَ اللهُ بَعْدَهَا فَرَجاً، وَإِنَّهُ لاَ يَغْلِبُ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا}، الآيَةَ



فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَةَ:

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ يَقُوْلُ: {أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ}، إِلَى قَوْلِهِ: {مَتَاعُ الغُرُوْرِ}

فَخَرَجَ عُمَرُ بِكِتَابِهِ، فَقَرَأَهُ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ:

يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ! إِنَّمَا يُعَرِّضُ بِكُم أَبُو عُبَيْدَةَ أَوْ بِي، ارْغَبُوا فِي الجِهَادِ.



وفاته فى طاعون عمواس



روى أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الطَّاعُوْنِ: إِنَّهُ قَدْ عَرَضَتْ لِي حَاجَةٌ، وَلاَ غِنَى بِي عَنْكَ فِيْهَا، فَعَجِّلْ إِلَيَّ.

فَلَمَّا قَرَأَ الكِتَابَ، قَالَ: عَرَفْتُ حَاجَةَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّهُ يُرِيْدُ أَنْ يَسْتَبْقِيَ مَنْ لَيْسَ بِبَاقٍ.

فَكَتَبَ: إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ حَاجَتَكَ، فَحَلِّلْنِي مِنْ عَزِيْمَتك، فَإِنِّي فِي جُنْدٍ مِنْ أَجْنَادِ المُسْلِمِيْنَ، لاَ أَرْغَبُ بِنَفْسِي عَنْهُم.

فَلَمَّا قَرَأَ عُمَرُ الكِتَابَ، بَكَى، فَقِيْلَ لَهُ: مَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟

قَالَ: لاَ، وَكَأَنْ قَدْ.

قَالَ: فَتُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَانْكَشَفَ الطَّاعُوْنُ.



عَنْ عِيَاضِ بنِ غُطَيْفٍ، قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ فِي مَرَضِهِ، وَامْرَأَتُهُ تُحَيْفَةُ جَالِسَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَهُوَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى الجِدَارِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ بَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟

قَالَتْ: بَاتَ بِأَجْرٍ.

فَقَالَ: إِنِّي -وَاللهِ- مَا بِتُّ بِأَجْرٍ!

فَكَأَنَّ القَوْمَ سَاءهُمْ، فَقَالَ: أَلاَ تَسْأَلُوْنِي عَمَّا قُلْتُ؟

قَالُوا: إِنَّا لَمْ يُعْجِبْنَا مَا قُلْتَ، فَكَيْفَ نَسْأَلُكَ؟

قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فَاضِلَةً فِي سَبِيْلِ اللهِ، فَبِسَبْعِ مَائَةٍ، وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى عِيَالِهِ، أَوْ عَادَ مَرِيْضاً، أَوْ مَاز أَذَىً، فَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا، وَمَنِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِبَلاَءٍ فِي جَسَدِهِ، فَهُوَ لَهُ حِطَّةٌ).



وَعَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ وَجَعَ عَمَوَاسَ كَانَ مُعَافَىً مِنْهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَهْلُهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَصِيْبَكَ فِي آلِ أَبِي عُبَيْدَةَ!

قَالَ: فَخَرَجْتُ بِأَبِي عُبَيْدَةَ، فِي خَنْصَرِهِ بَثْرَةٌ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِشَيْءٍ.

فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يُبَارِكَ اللهُ فِيْهَا، فَإِنَّهُ إِذَا بَارَكَ فِي القَلِيْلِ، كَانَ كَثِيْراً.

انْطَلَقَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنَ الجَابِيَةِ إِلَى بَيْتَ المَقْدِسِ لِلصَّلاَةِ، فَاسْتَخْلَفَ عَلَى النَّاسِ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ.

فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ بِفِحْلٍ، فَتُوُفِّيَ بِهَا بِقُرْبِ بَيْسَانَ.

طَاعُوْنُ عَمَوَاسَ: مَنْسُوْبٌ إِلَى قَرْيَةِ عَمَوَاسَ، وَهِيَ بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْنَ بَيْتِ المَقْدِسِ.
" لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة "
محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

كان وَضِيءَ الوجْهِ، بَهِيَّ الطَّلْعةِ، نَحِيلَ الجِسْـمِ، طَويل اَلْقَامَةِ، خفيفة العارِضَيْن: تَرْتاحُ العينُ لمرآه، وَتَأنَسُ النَّفْسُ لِلُقْيَاهُ، ويطمئِنُّ إِليه الفؤادُ.
وكان إِلى ذلك رقيقَ الحاشِيَةِ، جَمَّ التَّوَاضُع (1)، شديدَ الحياءِ، لكنَّه كان إِذا حَزَبَ الأمْرُ(2) وَجَدَّ الجِدُّ يَغْدُو كَأنهُ الَّليْثُ عادِياً.
فهو يُشْبِه نَصْلَ السَّيْف رَوْنَقاً وَبَهاءً، وَيحْكِيه (3) حِدَّةً وَمَضَاءً.
ذلِكُمْ هو أمينُ أمَّةِ مُحَمَّدٍ ، عامِرُ بنُ عبدِ اللّهِ بنِ الجَرَّاحِ الفِهريُّ القُرشيُّ، المُكَنَّى بأبي عُبَيْدَةَ.
نَعَتَهُ عبدُ الله بنُ عمرَ رضىَ اللّه عنهما فقال: ثلاثة من قريش أصْبَحُ النَّاسِ وجوهاً، وَأحْسَنُها أخلاقاً، وَأثبَتُها حياءً إنْ حَدَّثُوكَ لَمْ يَكْذبوكَ (4)، وإنْ حَدَّثْتَهُمْ لَمْ يُكَذِّبُوك: أبو بَكْرٍ الصّديقُ، وَعُثْمانُ بن عَفَّانَ وَأبو عُبَيْدَةَ بنُ الجراح.
***
كان أبو عُبيدَةَ من السَّابقين الأوَّلين إلى الإسلامِ، فقد أسلمَ في اليومِ التَّالي لإسْلامِ أبي بكرٍ ، وكان إِسلامُهُ على يَدي الصِّدِّيق نفسِه، فَمَضَى بهِ وَبِعَبْدِ الرحمنِ ابنِ عَوْف (5) وبعثمانَ بنِ مَظْعُونٍ وبالأرْقَمِ بنِ أبى الأرْقَمِ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعْلَنوا بينَ يَدَيْه كلمةَ الحقِّ، فكانوا القواعِدَ الأولى التي أقيمَ عليها صَرْحُ الإسلامِ العظيم.
***
عاش أبو عُبيدةَ تَجْرِبَةَ المسلمين القاسِيَةَ في مكَّةَ مُنْذُ بِدايتها إلى نِهايتها، وعانى مع المسلمين السَّابقين من عُنْفِها وَضَراوَتِها وَآلامِها وأحْزانِها ما لم يُعَانِهِ أتباع دين على ظَهْرِ الأرض، فَثَبَتَ للابْتِلاءِ (6)، وصَدَق اللّه ورسولَه في كل مَوْقِفٍ . لكِنَّ مِحْنَةَ أبِي عُبَيْدَةَ يَوْمَ بَدْرٍ فاقَت في عُنْفِها حِسبانَ الحاسِبين وتجاوَزَتْ خيالَ الُمتَخَيِّلين.
***
اِنْطلقَ أبو عُبيدةَ يومَ بَدْرٍ يَصولُ بَيْنَ الصُّفُوفِ صَوْلَةَ مَنْ لا يهَابُ الرَّدى، فَهَابَهُ الُمشْركُونَ، ويجولُ جَوْلَةَ مَنْ لا يحذر الموتَ، فَحَذِرَهُ فُرسانُ قريش وجعلوا يَتَنَحّوْنَ عَنْهُ كُلَّما واجَهوه...
لَكِنَّ رجلاً واحداً منهم جَعَلَ يبرُزُ لأبى عُبَيْدةَ في كلِّ اتِّجاهٍ ، فكان أبو عُبيدَة يَتَحَرَّفُ (7) عن طريقهِ وَيَتَحاشى لِقَاءه (Cool.
ولجّ الرجُلُ في الهجومِ، وأكثَرَ أبو عُبيدَة من التنحي وسَدَّ الَّرجُلُ على أبي عُبيدَةَ المسالِكَ، وَوَقَفَ حافلاً بينَه وبينَ قِتالِ أعداءِ اللّهِ. فلمَّا ضاقَ به ذَرعاً (9) ضَرَبَ رأسَه بالسَّيْفِ ضَرْبَةً فَلَقَت هامَتَه فَلْقَتَيْن، فَخَرَّ الرجلُ صريعاً بينَ يَديه.
لا تحاوِلْ- أيها القارِئُ الكريمُ- أن تُخَمِّنَ مَنْ يكونُ الرَّجُلُ الصريع ..
أما قُلْتُ لك: إنَّ عُنْفَ التَّجْربَةِ فاقَ حِسبان الحاسِبـين وجاوَزَ خيال الُمتَخَيِّلين؟
ولَقَدْ يَتَصدَّعُ رأسكَ إذا عَرفْتَ أن الرَّجُلَ الصَّريعَ هو عبدُ اللّه بنُ الجَرَّاح والد أبي عبيدَةَ.
***
لم يقتل أبو عُبيدَةَ أباه، وإنما قَتَلَ الشِّرْكَ في شَخْصِ أبيه.
فأنْزَلَ اللّهُ سبحانه في شأنِ أبى عُبَيْدةَ وشأنِ أبيه قرآناً فقال- عَلَتْ كَلِمَتُه-: { لا تجِدُ قَوْماً يؤمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخر يوادّون من حادَّ اللّه ورسوله ولو كانُوا آبَاءَهُمْ أوْ أبْنَاءَهُمْ، أوْ إخْوَانَهُمْ أوْ عَشِيرَتَهُمْ، أولئكَ كَتَبَ في قُلوبِهِمُ الإيمانَ وأيَّدَهُمْ بِرُوح مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِها الأنْهَار خالِدِينَ فِيها رَضِىَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، أولئكَ حِزْبُ اللّهِ ألا إن حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } (10).
لم يَكُنْ ذلك عَجِيبـاً من أبى عُبَيْدَة، فَقَدْ بَلَغ من قُوَّةِ إيمانِه باللّهِ وَنُصْحِـهِ لِدِينهِ، والأمانَةِ على أمَّةِ مُحَمَّدٍ مَبْلَغاً طَمَحَتْ إلَيْهِ نُفُوسٌ كَبيرَةٌ عِنْدَ اللّهِ.
حَدَّثَ محمدُ بنُ جَعْفَر، قال: قَدِمَ وَفْدٌ من النَّصَارَى على رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسِمِ ابْعثْ مَعَنَا رجلاً من أصْحَابِكَ تَرْضَاهُ لَنَا لِيَحْكُمَ بَيْنَنَا في أشْياء من أمْوَالِنا اخْتَلَفْنَا فيها، فإنّكُمْ عِنْدنا مَعْشَر المسلمين مَرْضِيُّون.
فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ائتوني العَشِيَّةَ أبْعَثْ مَعَكُم القَوِيَّ الأمينَ، قال عمرُ بنُ الخطاب: فرحْتُ إلى صلاةِ الظهرِ مُبَكِّراً وَإنِّي ما أحْبَبْتُ الإمارَةَ حُبِّي إيَّاها يَوْمَئِذ رَجاءَ أن أكُونَ صَاحِبَ هذا النَّعتِ...
فَلَمَّا صَلَّى بِنَا رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْر، جَعَلَ يَنْظُرُ عَنْ يَمِينه وَعَنْ يَسَارِه، فَجَعَلْتُ أتطَاولُ لَهُ لِيَرَانِي، فَلَمْ يَزَلْ يُقَلِّبُ بَصَرَهُ فينا حتَّى رَأى أبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاح، فَدَعَاهُ فقال:
اخْرُجْ مَعَهُمْ فَاقْضِ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ فيما اختَلَفوا فيه فقلتُ: ذَهَبَ بِها أبو عُبَيْدَةَ.
***
ولم يَكُنْ أبو عُبيدَة أميناً فَحَسْبُ، وِإنَّما كان يجمعُ الْقُوَّةَ إِلى الأمانةِ، وقَدْ بَرَزَتْ هذه الْقُوَّةُ في أكثَر من مَوْطَن:
بَرَزَت يَوْمَ بَعَثَ الرسولُ جَماعَةً من أصْحابِهِ ليتَلقَّوْا عِيراً (11) لقريش، وَأمَّرَ عليهم أبا عُبيدَة رَضي اللّه عنهُمْ وعَنْه، وَزَوَّدَهُمْ جِرَاباً من تَمْر، لَمْ يَجِدْ لهم غَيْرَهُ، فكان أبو عُبيدَةَ يعطى الرَّجُلَ من أصْحَابهِ كُلَّ يَوْم تَمْرَةً، فَيَمَصُّها الَواحِدُ مِنْهُمْ؟ كما يَمَصُّ الصَّبِيُّ ضَرْعَ أمهِ، ثُمَّ يَشْرَبُ عليها ماءً، فكانت تكفيه يَوْمَهُ إِلى اللَّيْلِ.
***
وفي يوم أحدٍ حينَ هُزِمَ المسلمون وَطَفِقَ صَائِحُ المشركين يُنادِي:
دُلُّوني عَلى محمدٍ ... دُلُّوني على محمدٍ ... كان أبو عُبيدَة أحَدَ النَّفَرِ العَشَرَة الذين أحاطوا بالرسول صلى الله عليه وسلم لِيَذودوا عنه (12) بصُدورِهم رِماحَ المُشركِين.
فلمَّا انْتَهتِ الْمَعْرَكَةُ كان الرسولُ صلى الله عليه وسلم قد كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُه (13) وَشُجَّ جبينهُ وغارَت في وَجْنَتِهِ حَلْقَتَانِ من حَلَقِ دِرْعِهِ فَأقبَلُ عليه الصِّدِّيقُ يُرِيدُ انْتِزاعَهُما من وَجْنَتِه فقال له أبو عُبيدةَ: أقسِمُ عليك أنْ تَتْرُكَ ذلك لي، فَتَركَه، فَخَشيَ أبو عُبيدَة إنِ اقْتَلَعَهُما بيدِه أنْ يُؤلِمَ رسولَ اللّهِ، فَعَضَّ على أولاهما بِثَنِيَّيه (14) عَضاً قَوِياً مُحْكَماً فاسْتَخْرَجَها ووَقَعَتْ ثَنِيتهُ... ثُمَّ عَضَّ على الأخرى بِثَنِيَّتهِ الثانية فاقتلعها فسقطت ثنيَّته الثانية.
قال أبو بكر: "فكان أبو عُبَيْدَةَ من أَّحْسَن النَّاسِ هَتَماً (15) "
***
لقد شهِدَ أبو عُبيدَة معَ رسولِ اللّهِ صَلَواتُ اللّهِ عليه المشَاهِدَ كُلَّها مُنْذُ صحِبَهُ إلى أنْ وافاه اليقينُ (16)
فَلَمَّا كان يوم السَّقِيفَة (17)، قال عمرُ بنُ الخَطَّابِ لأبي عُبيدَةَ:
ابسُطْ يَدَكَ أبايِعْكَ، فإني سَمِعْتُ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:
إنَّ لِكُلِّ أمةٍ أميناً، وَأنتَ أمينُ هذِهِ الأمَّةِ. فقال أبو عُبَيْدَةَ:
ما كُنْتُ لأتقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَجُل أمَرَهُ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أن يَؤمَّنَا في الصَّلاةِ فأمّنا حتّى ماتَ.
ثم بويعَ بَعْدَ ذلك لأبى بكرٍ الصديقِ، فكان أبو عُبيدَةَ خيرَ نصيح له في الحَقّ، وأكرمَ مِعْوَانٍ له على الخَيْر.
ثم عَهِدَ أبو بكرٍ بالخِلافَةِ مِنْ بَعْدِه إلى الفاروق فَدَانَ له أبو عُبيدَةَ بالطَّاعةِ، وَلَمْ يَعْصِهِ في أمْرٍ، إلاَّ مَرَّةً واحدةً.
فَهَلْ تَدْرِي ما الأمرُ الذي عَصَى فيه أبو عُبيدَة أمرَ خليفةِ المسلمين؟!
لقد وَقَعَ ذلك حينَ كان أبو عُبيدَة بنُ الجَرَّاح في بلادِ الشَّام يقودُ جيوشَ المسلمينْ من نَصْرٍ إلى نَصْرٍ حَتَّى فَتَحَ اللّهُ على يَدَيْه الدِّيار الشَّامِيَّةَ كُلّها… فَبَلَغ الفُراتَ شرقاً وَاسِيا الصُّغْرَى شَمالاً.
عِنْدَ ذلك دَهَمَ بِلادَ الشَّامِ طاعون ما عَرَفَ النَّاسُ مِثْلَهُ قَطّ فَجَعَلَ يَحْصُدُ النَّاسَ حَصْداً...
فما كان من عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ إِلاَّ أن وَجَّهَ رسولاً إِلى أبى عُبيدَةَ برسالةٍ يقول فيها:
إِنِّي بَدَتْ (18) لي إليك حاجَةٌ لا غِنى لي عَنْكَ فيها، فإن أتاكَ كتابي ليلاً فَإِنِّي أعْزِم عليك (19) ألا تُصبِحَ حتى تركبَ إليَّ، وإن أتاك نهاراً فإنِّي أعْزِمُ عليك ألا تُمسي حَتَّى تَرْكَبَ إِليَّ.
فلما أخَذَ أبو عُبيدَة كتابَ الفاروق قال:
قد عَلِمْتُ حَاجَةَ أميرِ المؤمنين إِليَّ، فهو يريدُ أن يَسْتَبْقِىَ مَنْ ليْس بِباقٍ ، ثم كَتَبَ إليه يقول:
يا أميرَ المؤمنين، إِنِّي قد عَرَفْتُ حَاجَتَكَ إِليَّ، إنِّي في جُنْدٍ من المسلمين ولا أجِدُ بِنَفْسِي رَغْبَةً عَنِ الذي يُصِيبهُمْ (20)...
ولا أريدُ فِرَاقَهُمْ حَتّى يَقْضِي اللّهُ فيّ وفيهم أمرَه...
فإذا أتاك كتابي هذا فَحَلِّلْنِي مِنْ عَزْمِكَ، وائذَنْ لي بالبَقاءِ.
فلمَّا قرأ عمرُ الكتابَ بَكَى حَتَّى فاضَتْ عيناه، فقال له مَنْ عِنْدَهُ- لِشِدَّةِ ما رأوْه من بكائِه-: أماتَ أبو عُبيدَةَ يا أميرَ المؤمنين؟ فقال: لا، ولكِنَّ الموتَ منه قريب.
ولم يَكْذِبْ ظَنُّ الفاروق، إذْ ما لبثَ أبو عُبيدَة أن أصيبَ بالطَّاعون، فلما حَضَرَتْهُ الوَفاةُ أوْصَى جُنْدَهُ فقال:
إني موصيكم بِوَصيَّةٍ إنْ قَبِلْتُمُوها لَنْ تزالوا بخيرٍ :
أقيموا الصَّـلاةَ، وصوموا شَهْرَ رمضـانَ، وَتَصَدَّقُوا، وَحُجُّوا واعْتَمِروا، وتواصَوْا، وانْصَحُوا لأمرائِكم ولا تَغُشوهُمْ ولا تُلْهِكُمُ الدُّنْيا، فإنَّ المرء لو عُمِّرَ ألْفَ حَوْل ما كان له بُد مِنْ أنْ يصيرَ إلى مَصْرَعي هذا الذي تَروْن... والسَّلامُ عليكم ورحمةُ اللّهِ.
ثم الْتَفَتَ إلى معاذِ بنِ جَبَل (21) وقال: يا معاذُ، صَلِّ (22) بالنَّاسِ.
ثم ما لَبِثَ أنْ فَاضَتْ رُوحُهُ الطَّاهِرةُ، فقام معاذ وقال:
أيّها النَّاس: إِنَّكُمْ قَدْ فُجِعْتُمْ بِرَجُل- واللّهِ- ما أعْلَمُ أنِّى رَأيْتُ رَجلاً أبَرَّ صَدْراً، ولا أبْعَدَ غاِئلَةً (23) ولا أشدَّ حُبّاً لِلْعَاقِبَة ولا أنصَحَ لِلْعَامَّةِ منه، فترحَّموا عليه يَرْحَمْكُمُ اللّهُ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://al-shouraislamme.yoo7.com
 
أبو عبيدة ابن الجراح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشورة الاسلامي :: الصحابة والشخصيات الاسلامية-
انتقل الى: